ليس من الدعاء (سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون )
وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة : 58]
هذه ايات نزلت على المنافقين الذين يعيبون على ﷺ في قسمة الصدقات..
قال الله تعالى بعدها :
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ [التوبة : 59
قال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الايات :
أي: ومن هؤلاء المنافقين من يعيبك في قسمة الصدقات، وينتقد عليك فيها، وليس انتقادهم فيها وعيبهم لقصد صحيح، ولا لرأي رجيح، وإنما مقصودهم أن يعطوا منها. {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} وهذه حالة لا تنبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه، تابعا لهوى نفسه الدنيوي وغرضه الفاسد، بل الذي ينبغي أن يكون هواه تبعا لمرضاة ربه، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)
{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} أي: أعطاهم من قليل وكثير. {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} أي: كافينا اللّه، فنرضى بما قسمه لنا، وليؤملوا فضله وإحسانه إليهم بأن يقولوا: {سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} أي: متضرعون في جلب منافعنا، ودفع مضارنا، لسلموا من النفاق ولهدوا إلى الإيمان والأحوال العالية، ثم بين تعالى كيفية قسمة الصدقات الواجبة
وهنا وقفة ؛
قد انتشر بين العامة كثير
فمن يظن بأنه دعاء ، والبعض يدعو بهذا ، بنص الاية كما جاءت ..
... حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ [التوبة : 59
وهذا خلاف الفهم المناط بهذه الايات ؛
وثمة مسائل هنا :
- ان المراد بهذه الايه ليس دعاء وإنما فيها الإخبار عن بعض المنافقين الذين همهم الدنيا فيرضون إذا أُعطوا شيئاً منها ويسخطون إذا لم يُعطوا
- وفيه طلب الدعاء من الرسول ﷺ وهذا غير سائغ بعد موته ،
ويدل أيضاً لكون النبي صلى الله عليه وسلم لا يُطلب منه الدعاء والاستغفار بعد موته ما رواه البخاري في صحيحه (7217) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «وا رأساه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك، فقالت عائشة: وا ثكلياه! والله إني لأظنك تحب موتي...» الحديث،
وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين للفقه في دينهم والثبات على الحق الذي جاء في كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تمت .