"لا تظنن أنَّ العلانية هي أنجح مِن السَّرِيرةِ" وصية وهب بن منبه لابن أخيه


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فهذه وصية قيمة نافعة -بإذن الله- أنقلها لكم سائلة الله الكريم أن ينفعنا بها أجمعين..آمين.



***** 
عن عقيل بن معقل بن منبه؛ قال: سمعتُ عمِّي وهب بن منبه يقول: يا بني! اخلِص طاعة الله بسريرةٍ ناصحة يصدُق بها فعلُك في العلانية، فإنَّ من فَعَل خيرًا ثمَّ أسرَّه إلى الله؛ فقد أصاب مواضعه، وأبلغه قراره، ووضعه عند حافظه.

وإنَّ مَن أسرَّ عملاً صالحًا لم يطلِّع عليه إلا الله؛ فقد أطلع عليه من هو حسبه، واستحفظه واستودعه حفيظًا لا يضيع أجره، فلا تخافنَّ -يا بني!- على من عمِلَ صالحًا أسرَّه إلى الله -عزَّ وجل- ضياعًا، ولا تخافنَّ ظلمةً ولا هضمة.

ولا تظنن أنَّ العلانية هي أنجح مِن السَّرِيرةِ؛ فإنَّ مِثل العلانية مع السَّريرة؛ كمثل ورق الشَّجرة مع عرقها، العلانية ورقها والسَّريرة أصلها، إن يحرق العرق هلكت الشَّجرة كلها، وإن صَلُحَ الأصل صَلُحَت الشَّجرة؛ ثمرها وورقها.

والورق يأتي عليه حين يجف ويصير هباءً تذرُوهُ الرِّياح؛ بخلاف العرق، فإنَّه لا يزال ما ظهر من الشَّجرة في خير وعافية، ما كان عرقها مستخفيًا لا يُرى منه شئ.

كذلك الدِّين والعلم والعمل، لا يزال صالحًا ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانية العبد، فإنَّ العلانية تنفع مع السَّريرة الصَّالحة، ولا تنفع العلانية مع السَّريرة الفاسدة؛ كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها، وإنْ كان حياته من قبل عرقها؛ فإنَّ فرعها زينتها وجمالها.

وإن كانت السَّريرة هي ملاك الدين؛ فإنَّ العلانية معها تزَّين الدِّين وتجمِّله؛ إذا عمِلَها مؤمنٌ لا يريد بها إلا رضاء ربه -عزَّ وجلَّ-.






المصدر: البداية والنهاية (الجزء التاسع، صفحة: 329)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

:: رسالة الكفر بالطاغوت :: للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تأمل رحمك الله وجعلك الله من أهل التوحيد الخلص

ثمار التوحيد في ضوء الكتاب والسنة

اقوال وحكم...