الٵمور التي ينبغي لأهل العلم وطلابه أن يسلكوها

قال البخاري رحمه الله "باب العلم قبل القول والعمل"
قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله:
مما ينبغي لأهل العلم وطلاب العلم سلوكهُ أمور:
أولًا: الحرص والعزم المؤكد على تبليغ الناس شرع الله - سبحانه وتعالى - وأن لا تأخُذهم في الله لوْمة لائم كما سمعتم عن أبي ذر - رضي الله عنه - وهكذا الصحابة - رضي الله عنهم - لا تأخذهم في الله لوْمة لائم وهذا مما تضمنته بيعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تأخذهم في الحق لومة لائم، يصدعون بالحق أينما كانوا، ولا تنسوا بارك الله فيكم جميعًا الحكمة، فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه.
ثانيًا:أشار البخاري - رحمه الله - إلى أحاديث لم تكن على شرطه ومنها حديث أبي الدرداء وهو عند أحمد وأبي داوود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَكُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاء)) فذكر الحديث وفيه (( إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)) فأتباع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - نالوا من علمهم ما يسر الله لهم إلينا.

ثالثًا: ومما تضمنتهُ هذه الترجمة أن الخيرية وهي الخيرية التامة العامة التي تنتظمُ سعادة الدنيا والآخرة هي في العلم وعبَّر عن ذلكم بحديث مُعاوية الآتي إن شاء الله في ترجمة لاحقة ((مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) ومفهوم هذا كما ذكر غير واحد من أهل العلم "أن من لا يُردْ الله به خيرًا لا يُفقههُ في الدين".
ومعنى يُفقهه في الدين يرزقه فيه البصيرة والفهم حتى يكون على علم بأن ما يأتي مأمورٌ به من الله وأن ما يدعْ منهيٌ عنهُ من الله - عز وجل - منهيٌ عنه بنهي الله - عز وجل -.
رابعًا: ومما تضمنتهُ هذه الترجمة تنويه بأهل العلم الذين هم أهلهُ وهي أنهم يخْشوْن الله - عز وجل - إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: ] فالخشية من حيث هي قدْرٌ مشترك، فبقدر ما يفقه المرء من دين الله وبقدر ما يتعبد يكون من خشية الله في قلبه ما يكون ولكن أهل العلم الذين هم أهله أوتوا علمًا صحيحًا وعملًا صحيحًا فهؤلاء هم الذين يخشون الله حق الخشية، الخشية المستلزمة خوف الله - سبحانه وتعالى - وتعظيمهُ حق التعظيم.
خامسًا: ومما تضمنتهُ هذه الترجمة الفرق بين العالم وغير العالم كما تضمنتهُ آية الزمر هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر: ] فإن العالم يعرف ما يأتي وما يذهب، يعرف الأوامر والنواهي، يعرفُ كيف يستنبط الأحكام من أدلتها بخلاف الجاهل.
سادسًا: ومما تضمنتهُ هذه الترجمة ولعلهُ خاتمتها بل قبل خاتمتها، كذلك ثناء على أهل العلم وذلكم في قولهوَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت: ], لا يعقل آيات الله وما تضمنتهُ من أوامر ونواهي وقصص وأحكام وأمثال إلا من أوتوا العلم فإن أَتْبَعُوا علمهم العمل المرضي لله كان علمهم حُجةٌ لهم وإن خالفوا ذلك كان علمهم حُجةٌ عليهم.
سابعًا: ولعله الختام، ندامة الكفار، أهل النار حينما يدخلونها، ما الذي عبَّروا عن ندامتهم؟ أية عبارة؟ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ [الملك: ].
يعني نفهم، نُدرك، والإدراك لا يكون إلا بالسماع الصحيح، فلما أعرضوا بأسماعهم وقلوبهم فاتهم الحق فارتكسوا في الباطل الذي هو الكفر، وهذا تنبيه إلى أنه ينبغي الاستماع إلى العلم وتدبُّره فإنه إذا اجتمع لطالب العلم هذان الاستماع الواعي والتدبُّر الصحيح حصلت الفائدة.
المصدر 
شرح صحيح البخاري
للعلامة الوالد عبيد الجابري حفظه الله
الدرس السادس


المصدر

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

:: رسالة الكفر بالطاغوت :: للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تأمل رحمك الله وجعلك الله من أهل التوحيد الخلص

ثمار التوحيد في ضوء الكتاب والسنة

اقوال وحكم...