مقال/البدار قبل ان تقضي الاعمار
الحمدلله القائل في كتابه العزيز
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}
وصل الله وسلم على محمد خير خلقه القائل : « ألا إنّ الدّنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلاّ ذكر اللّه تعالى ، وما والاه وعالما ومتعلّما » .
༻ ............................༺
حري بنا نحن امة القرآن ان نبصر ونتدارك هذه الايام
لعظم شأنها وما بها من عظيم الأجر والذكر
وان نحسن فيما بقى من نهاية عام منصرم ،قد احصيت حسناته وسيئاته
وهي في كتاب عند ربك لا يضل فيه
ولا ينسى ،والعاقل من تدارك نهاية كل عمل بإستغفار وتوبة وإنابة للواحد القهار لقهر النفس ومقتها في جنب الله
وما الدنيا الا مزرعة للأخرة
وكل عمل مرتهن بصاحبه ،وهذه الدار دار ممر لا دار مقر ،سريع زوالها،
صحيحها سقيم ،وجديدها يبلى
وافراحها اتراح
خداعة كامرأة بغيٍّ لا تثبت مع زوج، والعاقل من ابصر ان هذه الانفاس ماهي الا معدودة،وما ايامها الا منصرمة قد طويت،وعنها تسأل ما كان بها من جليل وحقير 🍂
والعاقل إذا قرأ القرآن وتبصر؛ عرف قيمة الدنيا، وأنها ليست بشيء،
وأنها مزرعة للآخرة، فانظر ماذا زرعت فيها لآخرتك؟
إن كنت زرعت خيراً؛ فازدد من العمل الصالح وبشر بالحصاد الذي يرضيك، وإن كان الأمر غير ذلك؛ فقد تخسر الدنيا والآخرة..
واحرص على تدارك أمرك قبل فوات الأوان وقبل أن لا يكون عمل
نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية،
فما هذه الايام الا تذكرة لمن كان له قلب ،وما الحج الا موقف يخبر به عن يوم القيامة
لتتعض القلوب وتبصر حقيقة الفانية، فشمّر عن ساعد الجد وألحق بالركب ،واشتر نفسك اليوم؛ فإن السوقَ قائمة، والثمن موجود، والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يومٌ لا تصل فيه إلى قليل، ولا كثير
( ذلك يوم التغابن ) ( يوم يعض الظالم على يديه )
فاليوم عمل وغدا حساب
والاوقات بين هذا وذاك
والقواطع محنٌ يتبين بها الصادق من الكاذب؛
فإذا خضتها انقلبت أعواناً لك، توصلك إلى المقصود، فلا تجعل من هذه الشواغل وهذه المواقع وهذا التواصل نذير شر يشغلك عن دارك ومستقرك، اخرج بالعزم من هذا الفناء الضيق، المحشوِّ بالآفات إلى الفناء الرحب، الذي فيه ما لا عين رأت؛ فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب ،وذلك بالعكوف على العلم وطلبه وجاهد هذه النفس في مرضاة اللـه وابتغاء وجه والدار الآخرة،
و من أعجب الأشياء أن تعرفه، ثم لا تحبه، وأن تسمع داعِيَهُ ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، وأن تذوق عصرة القلب في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره و مناجاته، وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه، والإنابة إليه،وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض، وفيما يبعدك عنه راغب ،وعليك بتقوى الله؛ فإن المتقي ليس عليه وحشه ، وألزم جادة الحق تبصر هديا المبصرين في ذات الله ،وألحق بركب الصالحين تأنس ،وعليك بخاصة امرك وألزم بيتك وابكِ على خطيئتك ،واصلح ما بقيا من عمرك ،وكما قال الشاعر :
فلا الدّنيــــا بباقيةٍ لحيٍّ
ولا حَيٌّ على الدّنيا بباقِي
فآثروا ما يبقى على ما يفنى،
فـ حب الدنيا رأس كل خطيئة ،
هذا والله اعلم وصلى الله عليه وسلم
.............
بقلم :/ نبض التوحيد الأسلمية