وقفات مع كلام محمد حسان في أحداث مصر

خرج محمد حسان بتصريح على إحدى القنوات الفضائية يبارك فيه هذه الأعمال و المظاهرات في مصرنا الحبيب ، و كان كلامه يصادم بشكل صارخ أصول أهل السنة و طريقتهم ، فها أنا أنقل بعض فقرات كلامه - مفرغاً من التسجيل الصوتي - و أعلق عليها .
الوقفة الأولى : في حكم الخروج على ولاة الأمر

قال محمد حسان :
[ الرسالة الأولى : لشبابنا لشباب مصر الأبي التقي الزكي ، الشباب الطاهر الذي يوجد الآن على الأرض ، الذي يوجد في الميادين العامة في جميع المحافظات ، الشباب الذي سطر بدمائه الزاكية هذه الملحمة ، وهذا العمل العظيم أوجه له رسالة من قلب ميدان التحرير من قلب الحدث .
و أقول لهم أيها الأطهار أيها الأخيار أيها الأبرار بلدكم بلدكم هي مصر ؛ احذروا احذروا أولئك المندسين الذين اندسوا في الصفوف لقطف ثمرة هذا العمل المبارك الكريم ، احذروا أولئك اللصوص الذين يريدون أن يتسلقوا على دمائكم ويتسلقوا على عملكم المبارك ، احذروا هؤلاء ، بل لا أقول لكم ذلك فحسب ، وإنما أقول اظهروا هوية هؤلاء ، ليعلم العالم كله أن شباب مصر شباب شريف شباب تقي شباب زكي ما خرج إلا للمطالبة بحقوق عادلة مشروعة ، ولا يوجد بينه أبداً لص ولا سارق ولا مخرب و لا مدمر ، لأني أعلم أنكم أحرص الناس على أمن هذا البلد و على استقراره ، قلوبنا تحترق ، قلوبنا تحترق على آبائنا و أمهاتنا وإخواننا و أخواتنا و أطفالنا الذين يبكون من شدة الفزع و الخوف ]

أقول : سأبدأ من كلمة [ الخروج ] ! الذي رددها محمد حسان كثيراً في كلامه هذا و أراد بها مفهوماً غير مفهومنا ، فإن الخروج على ولاة الأمر حرام باتفاق أهل السنة - الذي يزعم أنه منهم - وبنصوص السنة المطهرة .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أسمع و أطيع ، و عن كان عبداً مُجّدَّعَ الأطراف)
و قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليك السمع و الطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثَرَة عليك)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة)
وقال صلى الله عليه وسلم: (من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية)
وقال صلى الله عليه وسلم: (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ، فقال حذيفة :كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع للأمير وإن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع ) [ كل ما مضى من صحيح مسلم ]
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنكم سترون بعدي أَثَرَة و أموراً تُنكرونها ، قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدّوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) [ رواه البخاري ]

و أخرج ابن عبد البر في التمهيد عن أنس رضي الله عنه : ( كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سبِّ الأمراء ) .
وقال الإمام ابن تيمية : ( الصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة و الجماعة )[المجموع28/179]

وهاهو محمد حسان يكشف عن وجهه الحقيقي الحزبي في مثل هذه الفتن .

الوقفة الثانية : في حكم المظاهرات و مفاسدها
و الطريقة الشرعية للإصلاح

و العجيب أنه يعلم أن هذه المظاهرات و الاعتصامات التي يؤيدها و تأتي بشر و فتن و تسبب الهلع و الخوف للناس ، و مع ذلك يباركها و يشارك فيها ! كما قال :

[ أنا شاهد عيان ، بفضل الله تبارك و تعالى خرجت أنا و أولادي بالأمس مع مجموعة كبيرة من شبابنا بل ومن آبائنا في منطقة الحي الثامن في مدينة السادس من أكتوبر من العشاء إلى بعد صلاة الفجر تقريباً بفضل الله ، رأيت شباباً مباركاً قد وضع المتاريس و تسلح بالعصي و بالحديد و بالسكاكين ، وخرج لحماية الممتلكات العامة و الخاصة ، و هذا هو شعب مصر وهذا هو شباب مصر ]
وكما وصفته المذيعة بأول الأمر قائلة عنه أنه [ نزل بنفسه للشارع للمواطنين يحمل رسالة معينة ] !
قال واصفاً بعض الخوف الذي سببته هذه الفعال إذ أدخلت البلاد بفراغ و ضياع سمح للمجرمين بمد أيديهم و تخريب بلادهم ، قال بعد أن حذر السراق و المجرمين الذي يجوبون الشوراع مستغلين هذه الفرصة و نعى أفعالهم :
[ و والله الذي لا إله غيره إن القلب ليحترق و إن العين لتبكي على هذه المباني الضخمة و على هذه الممتلكات الكبيرة ، و على بكاء أطفالنا في شوارعنا و على بكاء آبائنا و أمهاتنا ، و الله ما خرجت وما أتيت إلى ميدان التحرير لأكون معكم إلا لأبلغكم هذه الرسالة ، أنا لا أتهم شبابنا في الميدان ، ولا أتهم شبابنا في كل المحافظات ، هذا الشباب الطاهر ، هذا الشباب الذي ما خرج إلا ليعبر عن حقوق عادلة مشروعة ]

أقول : ليس ما ذكر من تسبيب الفوضى و الخوف و الهلع و الإنفلات هو فقط مساوئ هذه المظاهرات و الإضرابات ، و إنما يترتب عليها عدد من المفاسد و الشرور منها أيضاً :

أنها من صنع أهل الكتب من اليهود والنصارى ، والملل الكافرة المنحلة ، والفرق البدعية كالخوارج حينما خرجوا على الخليفة الراشد ذو النورين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وفق ما سن لهم ساستهم من أنظمة وضعية دخيلة ، وقوانين فاسدة شاذة .
أنها تشبه بالكفار في شؤونهم ، وما خصوا به أنفسهم من عادات وتقاليد جاهلية شاذة وحركات وإشارات وشعارات ولباس وتصفيق وزعيق ومزامير وطبول ، وقد نهينا عن ذلك .
أنها تخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة الصالح من إسداء النصيحة سراً لولي الأمر ، فيما يظهر من منكرات ومخالفات .
أنها خروج وشق عصا الطاعة لولي الأمر ، وإشغالهم بالسياسة ، والتشهير بهم ، ونقدهم بما لا ينفع في دينهم ودنياهم ، بل يجر وبالاً على رعاياهم ويفسدهم ، ويفسد فطرتهم ، ورحمتهم على شعوبهم .
أنها تشعل صدور الرعية من المسلمين ، وتحرضهم على ولي الأمر ، وتزيد الأحقاد والشقاق وتبعد العلاقة بين ولي الأمر ورعيته .
أنها تتسبب في اختلال الأمن والأمان ، وإفساد الممتلكات العامة والخاصة من حرق السيارات والدور وسيارات الدولة ، وتكسير النوافذ والمحلات ، وسبيل في سفك دماء المسلمين من العسكر والرعية دون أدنى سبب .
أنها سبيل لحدوث مخالفات شرعية من خطب وأقوال وإيذاء للآخرين في نقل هذه المظاهرات فضائياً ، ومنها حمل المصاحف ثم الهروب ورميها أثناء المواجهات وقد شاهدنا هذا ، فكم أهين المصحف وتلك الشعارات التي تحمل الآيات والأحاديث بقصد أو دون قصد .
أنها مفاسدة شوهت سمعة الإسلام ، وأعداء الدين استغلوا هذه المظاهرات للطعن في االإسلام ، وتنفير الناس عنه .
أنها بدأت من اجتماعات سرية ، وتنظيمات خفية ، وتدريبات مريبة ، وأشرطة ومنشورات فتنة وخورج تخاف معتقد أهل السنة والجماعة .
أنها تحت رايات من لا ينتمي لأهل السنة والجماعة من أحزاب وفرق وجماعات بدعية ، ومن يعقد هذه المظاهرات هم رويبضة لا يحق له أن يتكلموا في الأمور البسيطة فكيف بمصير الأمة .
أنها لم تحقق أهدافاً إصلاحية منذ أن بدأت في ديار المسلمين ، بل فتحت الباب على مصراعية لأهل الردة والشذوذ والعقائد الفاسدة أن يفعلوها في ديار المسلمين بعد أن كان أمرهم مكتوم لا يقدرون على إظهاره .
أنها استهزاء بالعقول البشرية ، ووسيلة شيطانية استخدمها الشيطان للإستخفاف بعقول البشر ومداركهم .
أنها وسيلة لإخراج المرأة المسلمة من بيتها لهتك عرضها والتشهير بها وبجسدها وحجابها بالإذاعات والتلفزة الفضائية دون غيرة وضوابط عليهن ممن يحرض على هذه المظاهرات ، فيغلب على الظن أنهن سيتعرضن لإساءة من الشرطة وضعاف النفوس ، وهذا مما لا ينبغي أن تعرض المرأة المسلمة نفسها له .
أنها بها منكرات شنيعة من الإختلاط بين النساء والرجال وتلاصق الأجساد وإظهار الزينة من لباس فاضح وبنطال وضحكات وابتسامات لعدسات المصورين ، بل وجمع الصلوات من أجل الخروج في سبيل فلان وعلان أو حزب أو جماعة ، والله المستعان .
أنها تحولت من عادات دخيلة على المجتمع المسلم إلى عبادات يؤجر من خرج ويأثم من قعد ، وإلى الله المشتكى .
أنها أهانت دور العبادة والمسجد ومكانته في الإسلام ، حتى وجدنا بعض تلك المساجد قد تحصنوا بها بعد تطويق العسكر فضربت وقصفت وحرقت .
أنها أصبحت بشعارات هابطة ولغة خطاب ساقط من سباب وقذف وفحشاء ، وأفعال منافية للآداب العامة .
أنها وسيلة ظلم للآخرين من قطع الطرق على المسلمين وتعطيل المرور وسيارات العناية الطبية ، وإزعاج الآمنين ، والله المستعان .

كما قال الأخ عبد الله الخالدي في مقاله هذا
و إن هذه الفعال التي يباركها محمد حسان و يصفها بهذه الأوصاف ، لا تسبب إلا الشر و الفتن و لا تأتي إلا بالخراب و الإحن ، ولكن أهل التشغيب أمثال محمد حسان يركبون موجة العوام و الرعاع ، أما العالم السلفي البصير أمثال الحسن الذي يقول ” إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم و إذا أدبرت عرفها كل جاهل “ ينظر بنور الكتاب و السنة بفهم السلف الصالح لهذه الأمة .
فيقول : ” والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قِبَلِ سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه ، و والله ما جاءوا بيوم خير قط، ثم تلا : { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه ، وما كانوا يعرشون } ” [ الشريعة للآجري ]
و كان رحمه الله إذا قيل له : ألا تخرج تغير ؟! يقول :” إن الله إنما يغير بالتوبة ولا يغير بالسيف
و انطلق إليه نفر يشكون إليه الحجاج و يقولون ما تقول في هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام و أخذ المال الحرام و ترك الصلاة و فعل و فعل ؟! فقال : ” أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم ، و إن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ” فما أطاعوه و سخروا منه فخرجوا على الحجاج مع ابن الأشعث فقتلوا جميعاً
وقد أخرجوه رغماً عنه في جيش ابن الأشعث لما خرج على الحجاج فغافلهم الحسن و ألقى بنفسه من الجسر و لم يبق معهم .
و كان ينهى عن الخروج مع ابن الأشعث و يأمر الناس بالكف و يقول : ” يا أيها الناس ! إنه و الله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف ، ولكن عليكم السكينة و التضرع
و إن العالم السني الصحيح يعرف أن هذه الفعال خروج عن الطريقة الشرعية و انشقاق عن السبل السوية .

و أمثال الإمام ابن باز الذي يقول : (الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً وشراً عظيماً فيختل به الأمن ، وتضيع الحقوق ) [المعلوم-9] .

قال الإمام ابن رجب : ( النصيحة لأئمة المسلمين حبُّ صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهة افتراق الأمة عليهم و التدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الخروج عليهم ) [ جامع العلوم و الحكم 1/222] ، وقال البربهاري : ( أمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعوا عليهم وإن ظلموا وجاروا لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم و المسلمين ) [ شرح السنة 114]
و النصح لولي الأمر يكون سراً لا علناً كي لا تثور عليه الدهماء ! ولا يُدخل في الأمر من ليس بأهله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من أراد أن ينصح لسلطانٍ بأمر فلا يُبْدِ له علانية ، ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا فقد أدّى الذي عليه له ) رواه أحمد وهو صحيح
و أمثال الإمام ابن عثيمين الذي يقول : ( الله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وألا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور فهذا عين المفسدة و أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس ) [ المعاملة – 32]
قال الإمام الطحاوي : ( ولا نرى الخروج على أئمتنا و ولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة مالم يأمروا بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح و المعافاة ) فقال الإمام الألباني معلقاً:( قد ذكر الشارح في ذلك أحاديث كثيرة تراها مخرجة في كتابه ثم قال : و أما لزوم طاعتهم و إن جاروا فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ؛ فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا ، و الجزاء من جنس العمل ، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار و التوبة و إصلاح العمل ، قال تعالى{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30) ، {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأنعام:129) فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير ، فليتركوا الظلم !
قلت: وفي هذا بيان لطريق الخلاص من ظلم الحكام الذين هم (من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا) وهو أن يتوب المسلمون إلى ربهم ويصححوا عقيدتهم ، ويربّوا أنفسهم و أهليهم على الإسلام الصحيح ، تحقيقاً لقوله تعالى :{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد:11) ، وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله : (أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تَقُمْ لكم على أرضكم ) ، وليس طريق الخلاص ما يتوهم بعض الناس – وهو الثورة و السلاح على الحكام بواسطة الإنقلابات العسكرية – فإنها مع كونها من بدع العصر الحاضر : فهي مخالِفة لنصوص الشريعة التي منها الأمر بتغيير ما بالأنفس) [ شرح الطحاوية للألباني ]
أما هذه المظاهرات و الاعتصامات فقد حرمها علماء هذا العصر أمثال الألباني و ابن باز و العثيمين و غيرهم ، و قد بث هذا الأمر غير مرة هنا على هذه الشبكة الطيبة ، و لست محتاجاً لإعادة ذكره .

الوقفة الثالثة : في تسارع هؤلاء إلى ركوب الأحداث

ثم قال في معرض ثنائه على تصرف إمرأة حملت الطعام للشباب الذي [ وقف ليعبر عن رأيه بطريقة سلمية بطريقة معبرة ] - كما قال - :
[ وأنا أسعى من يومين للظهور للحديث لشبابنا ، لكن بكل أسف حرمنا بقناة الرحمة من البث المباشر وحرمنا حتى من الإنترنت ]
ثم قال : [ و أنا سعيد غاية السعادة لأنني أرى الآن رجال القضاء و أرى الآن رجال الأزهر ، كان من الواجب على العلماء بالفعل أن يكونوا مع شبابنا و أن يكونوا مع أولادنا ]

أقول هذه من الميزات الفارقة بين أهل السنة و غيرهم ، إذ الأولون يحكمون بالتأني وفق النصوص الشرعية ، و غيرهم يسيرون من الهمج و الرعاع على هواهم و مشتهاهم ، فبينما ما يحزن أهل السنة لهذا الخراب و الافتراق و التشرذم الحاصل ، و يحذرون منه ، و يدعون الناس إلى الصبر و التصبر و عدم الولوج في هذه الفتن و الخوض فيها ؛ تجد محمد حسان يشارك بها بنفسه ! و يسعد لمشاركة غيره !! و يبحث عن فرصة - أي فرصة ! - للبروز و كان الواجب عليه بدل أن يقول بهذا القول أن يتأدب بأدب القرآن إذ قال تعالى : { وإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيِكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 83].

قال الشيخ عبد الرحمن السّعدي: ” هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمّة والمصالح العامة ما يتعلّق بالأمن وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة، عليهم أن يتثبّتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردّونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم أهل الرّأي والعلم والنّصح والعقل والرّزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدّها، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك، وإن رأوا ما فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه، ولهذا قال:{لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السّديدة وعلومهم الرّشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبيّة وهي إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يُوَلَّى من هو أهل لذلك ويُجعل من أهله، ولا يُتقدّم بين أيديهم فإنّه أقرب إلى الصّواب وأحرى للسّلامة من الخطأ وفيه النّهي عن العجلة والتّسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتّأمّل قبل الكلام، والنظر فيه هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان أم لا فيحجم عنه” ا.هـ
الوقفة الرابعة : غشه في النصيحة للمسلمين

قال - بعد دعاء لحفظ مصر من الفتن !! - :
[ و أوجه رسالة أخيرة لأهلي من آبائنا و أمهاتنا لا تخافوا و لا تقلقوا ولا تحزنوا ولا تفزعوا ، كونوا مثالاً آخر ، أريد أن يثبت أخواتنا الفضليات أطفالهن ، أريد أن يثبت آبائنا أطفالهم ، أريد أن نكون - بفضل الله تبارك و تعالى - صداً و سداً منيعاً ، لنثبت للدنيا كلها أنه لا يخوفنا شيء ، و إنما خرجنا بصدورنا العارية و بأيدينا العارية من كل سلاح ، و بقلوبنا الخالية من كل سلاح إلا من سلاح التقوى وسلاح الإيمان ، وسلاح الثقة في الله عز وجل أن الله لن يضيع مصر ولن يخذل هذا الشباب الطاهر الأبي الزكي الذي خرج ليبين للعالم كله أنه ما خرج إلا ليطالب بحقه العادل المشروع ]

أقول : كان الواجب عليه بدل أن يقول هذا الكلام للناس أن يقول لهم أن يكفوا عن هذه الفعال ، و يتمسكوا بغرز علماء أهل السنة و ينصاعوا للحق الذي معهم .

و كان الواجب عليه أن يأمر الناس بالانصياع للأحاديث النبوية الشريعة التي فيها بيان الخلل و المخرج من هذه الفتن ، و هو بالعودة إلى الكتاب والسنة إلى منهج أهل السلف أهل السنة .
قال رسول صلى الله عليه وسلم : « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ » السلسلة الصحيحة [6 / 526 ] .

وَذَكَرَ لَهُمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ فَلَمْ يَسْمَعْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ مُعَاذُ بن جَبَلٍ : أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : مَا قَالَ ؟ قَالَ : إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ ، فَقَالُوا : فَكَيْفَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ وَكَيْفَ نَصْنَعُ ؟ قَالَ : [ تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُمُ الأَوَّلِ ] السلسلة الصحيحة [3165 ]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ » السلسلة الصحيحة [11]

و كان عليه أن ينصح الناس بـ
الإعتصام بالكتاب ، والسنة النبوية الصحيحة .
الإعتماد على الله عز وجل ، والتوكل عليه ، وتحقيق التوحيد ، والإيمان ، والبعد عما يخدشه ويضعفه .
الإلحاح على الله عز وجل بالدعاء ، والتعوذ من الفتن وأهلها .
لزوم التوبة ، والإستغفار ، والتسبيح ، والتحميد ، والرجوع إلى الله عز وجل ، والبراءة من المعاصي وأهلها .
الإقبال على الله عز وجل ، والحرص على العبادات ، والطاعات ، والعمل الصالح ، والنصح ، وإصلاح النفس الضعيفة ، وأعلم أن أولى الناس بالنصح هم أهل بيتك ، فاجتهد في النصح ، والإرشاد ، والتعليم ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وكن رفيقاً في أمرك ونهيك ، ولا تكن ممن يأمر بالمعروف ولا يأتيه ، وينهى عن المنكر ويأتيه ، ثم عليك بالأقرب فالأقرب .
الثقة بنصر الله وتمكينه ، وأن المستقبل للسنة وأهلها .
مدارسة الآيات ، وتدبر البينات والعضات ، وتذكر أحوال السلف في النوازل ، وعدم الإعتماد على رؤى وتكهنات أهل البدع والباطل ودعاة الخروج .
لزوم جماعة المسلمين ، وعدم شق عصى الطاعة ، والإلتفاف حول ولاة الأمر والعلماء السلفيين ، والإنصات لهم ، ولأقوالهم ، وفتاويهم ، ونصحهم ، وإرشادهم ، وتحذيراتهم .
الوحدة والإئتلاف ، وترك التنازع والإختلاف بين أهل السنة والجماعة بضوابط الكتاب والسنة ، وتنقية الصفوف ، وعدم التميع مع أهل البدع ، والحذر من تسلل الأعداء ، وأهل النفاق ، مع البراءة من أهل البدع والشرك .
التسلح بالعلم الشرعي ، وتوعية المسلمين بأمور العقيدة الصحيحة ، والتواصي بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتحذير من البدع والشرك ، وصوره ، والمحدثات بين المسلمين ، ومن دعاة الشرك والبدع والضلال .
الحلم ، والصبر ، والتأني ، وعدم التسرع ، والوعي بالحال .
البعد عن العاطفة الزائدة ، وضبط الحماس ، والغضب ، وزجر التصرفات الفردية الطائشة .
الإكثار من الصدقة ، والإقتصاد في المعيشة ، والبعد عن حياة الترف ، وتذكر أحوال المسلمين ومصيبتهم ، ولو لفترات زمنية محدودة .
النظر في عواقب الأمور ، والحذر من السير خلف أهل المنكر ودعاة الخروج ، وممن يتصدر في النوازل والمحن ، ويحاول كسب جمهور المسلمين بأقوال شاذة ظاهرها الطعن بالأصول والتعاون مع أهل البدع ، والكف عن محاربتهم ، فلا نسمع له صوتاً ولا تزداد له شوكة ، ولا تكثر فتنه إلا وقت الفتن والنوازل .
الحذر من أقوال السفهاء ، ونشر المنشورات والمطويات والمواقع التي بها تحريض على العلماء ، ونيل من أعراضهم ، وخروج على ولاة الأمور .
الحذر من الشائعات ، والأكاذيب ، والأخبار الملفقة ، والتخمين الذي يستهدف جماعة المسلمين .
النكاية بالكفار ، وإغاظة أهل البدع وزجر أصحاب الموازنات والأعذار .
اجتناب الفتن ، والبعد عن مواطنها ، ولزوم الإنصاف ، والعدل في الأمر كله .
عدم تطبيق ما جاء في الفتن من نصوص شرعية على واقع معاصر .

كما قال الأخ عبد الله الخالدي في مقاله سابق الذكر .

فهذه حقيقة هذا الرجل الثوري ، فاعجب ممن يريد تسليفه رغم أنفه ! و إذا عرفت هذا تعرف أن هؤلاء لهم أصابع واضحة في تضييع الشباب في هذه المتاهات و الأقبية .

فالله يحفظ أهلنا و بلادنا من كل شر
 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

:: رسالة الكفر بالطاغوت :: للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تأمل رحمك الله وجعلك الله من أهل التوحيد الخلص

ثمار التوحيد في ضوء الكتاب والسنة

اقوال وحكم...